بات في حكم المؤكد أن
يكون أن يكون رجل الأعمال والمبشر الأمريكي ميت رومني، هو مرشح الحزب الجمهوري
الأمريكي في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة أمام الرئيس الأمريكي باراك أوباما،
بعد الانتصارات التي حققها في ولايات ميريلاند وويسكونسن والعاصمة الفدرالية واشنطن،
الثلاثاء الماضي، والتي أدت إلى تقوية موقعه كمرشح أوفر حظًّا أمام منافسه الرئيسي
ريك سانتوروم، للفور بترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة المقبلة.
والانتخابات الرئاسية
الأمريكية، وتلك التمهيدية التي تسبقها، من الأهمية بمكان لدى الرأي العالم العربي
والإسلامي، الذي- كما هي العادة- يهتم اهتمامًا شديدًا بالانتخابات الأمريكية،
ومنذ الذي سوف تأتي به سيدًا للبيت الأبيض، ولذلك تسبق هذه الانتخابات دائمًا تساؤلات
عن الكيفية التي سوف يتعامل بها الرئيس الأمريكي الجديد مع قضايانا في العالم
العربي والإسلامي.
وبداية يجب التأكيد
على حقيقة أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات، وأن القرار الاستراتيجي
الأمريكي يمر بعدد من المراحل قبل اتخاذه؛ فإن شخص الرئيس له دور كبير واعتبار مهم
في رسم السياسة الأمريكية.
فبالرغم من ثوابت
العمل التي تنطلق منها المؤسسات الأمريكية؛ إلا أن طبيعة شخص الرئيس الأمريكي
باراك أوباما، ومن قبله جيمي كارتر، وجون كيندي، لعبت دورًا كبيرًا في تغيير
السياسة الأمريكية على المستوى العالمي، وخصوصًا إزاء قضايا العالم العربي
والإسلامي، فقادة البنتاجون ومجلس الأمن القومي الأمريكي، هم ذاتهم ذات القادة
الذين خاضوا مع الرئيس السابق جورج بوش الابن، حروبه الدموية الخاسرة في كل من
أفغانستان والعراق.
فتدهورت العلاقات ما
بين الولايات المتحدة وبين العالم العربي والإسلامي إلى مستوى الحضيض، مع احتلال
الأمريكيين لبلدَيْن إسلامي وعربي، بالإضافة إلى تشجيع السياسات الأمريكية تجاه
العرب والمسلمين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، ظاهرة الإسلاموفوبيا في
العالم كله، وتعرض العرب والمسلمين لاضطهاد مروع طال حقوقهم وخصوصياتهم.
إلا أن مجيء أوباما
بأجندته المستقاة من طبيعته الشخصية وخلفياته العرقية، أدى إلى تحولات كبيرة في
السياسات الأمريكية إزاء العالم العربي والإسلامي، واستطاع استعادة بعض ملامح وجه
الولايات المتحدة الجيد في العالم، باعتبارها راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إلا أنه يبدو أن
العلاقات ما بين الجانبين العربي والإسلامي وبين الجانب الأمريكي مرشحة للتدهور
حال تولي ميت رومني للحكم في البيت الأبيض، تبعًا للمنطق السابق، مع ما أبداه من
رومني- المبشر السابق ورجل الأعمال الحالي- مواقف متطرفة خلال حملته الانتخابية من
بعض القضايا المرتبطة بالعالم الإسلامي، وكان آخر هذه المواقف انتقاده أوباما
لتقديم الأخير اعتذارًا للأفغان على خلفية واقعة حرق المصحف الشريف في قاعدة
باجرام.
ورومني رجل أعمال وسياسي
أمريكي، كان حاكمًا لولاية ماساشوستس خلال الفترة من العام 2003م إلى العام 2007م.
ومن بين ما تبلغنا به
سيرته الذاتية، أنه عمل كمبشر للمذهب المورموني في فرنسا، وتخرج من جامعة بريجام يونج،
وعمل مديرًا تنفيذيًّا لشركة باين؛ حيث أخرجها من أزمة طاحنة، وهو أيضا مؤسس ومشارك
ورئيس شركة باين كابيتال، أحد أكبر شركات الاسثمار في العالم، وساعدته ثروته التي جمعها
من هذه الشركة في تمويل حملته الانتخابية في انتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي عام
1994م في ماساتشوستس.
نظّم ميت رومني الألعاب
الأولمبية الشتوية 2002م في سولت لايك سيتي كرئيس ومدير تنفيذي وساعد على حل المشكلة
المالية آنذاك. اٌنتخب رومني حاكم ماساتشوستس عام 2003م، لكنه لم يُرد الترشح مرة أخرى.
عمل علي تخفيض مستوى
الإنفاق العام وزيادة الأجور وأزال عجزًا كان متوقعًا بحوالي ثلاثة مليارت دولار، ووقّع
أيضا على قانون إصلاح ماساتشوستس للاهتمام بالرعاية الصحية عن طريق الإعانات المالية.
ترشح للانتخابات التمهيدية
داخل الحزب الجمهوري لنيل ترشيح الحزب لانتخابات 2008م الرئاسية، ولكنه خسر أمام جون
ماكين، وفي 2 يونيو عام 2011م، أعلن رومني أنه سيترشح يريد الترشح للانتخابات الرئاسية
الأمريكية 2012م، عن الحزب الجمهوري، ويخوض حاليًا منافسة مع ريك سانتوروم للحصول
على ترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر المقبل أمام
الرئيس الحالي، ومرشح الديمقراطيين، باراك أوباما.
وبغض النظر عن خلفياته
كمبشر ورجل أعمال، وما سوف يضفيه ذلك عليه وعلى سياساته إزاء العالم العربي
والإسلامي، فإن رومني جمهوري، وفي السلوك العام للجمهوريين، فإن قضايا الداخل،
وخصوصًا الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالقطاع الصناعي ومظلة التأمين الاجتماعي،
تغلب على سياساتهم وأجنداتهم، ومن ثم فإن اهتماماتهم بالقضايا الخارجية يكون أقل.
بالإضافة إلى أن
ارتباطهم في الغالب بالمجمع الصناعي العسكري، وما يرتبط به من مصالح اقتصاديهم
يدفعهم في الغالب أيضًا إلى تبني مواقف عدائية في السياسة الخارجية، من أجل تنشيط
حركة الجيش الأمريكي، وتحسين مبيعات السلاح الأمريكي للحكومات والجماعات في مناطق
الأزمات، كما في الشرق الأوسط.
وبكل تأكيد، فإن هناك
عامل آخر سوف يلعب دوره في تحديد اتجاه العلاقات العربية الأمريكية إذا ما تولى
جمهوري الرئاسة؛ حيث إن الحكومات والأنظمة الجديدة جاءت من خلفيات تكن عداءً
كبيرًا للأمريكيين، بسبب دعمهم للأنظمة الديكتاتورية البائدة التي سامت شعوبها
الخسف، كما إن ضغوط الشعوب في البلدان التي لم تشهد ثورات، وكذلك ضعف ردة فعل
الولايات المتحدة في حماية حلفائها القدامى في بلدان الربيع العربي أدى إلى جمود
العلاقات ما بين الأنظمة القديمة التي لا تزال باقية في عالمنا العربي وبين
الولايات المتحدة.
هذه الأوضاع تنتظر فقط
رئيس أمريكي يتبنى مواقف متطرفة لكي تكون قطيعة طويلة الأمد بين العالم العربي
وبين الولايات المتحدة.. فهل يفعلها رومني؟!
|
No comments:
Post a Comment