الإنترنت توثق احتجاجات الجزائر

هشام موفق-الجزائر

في الوقت الذي كان الشباب الغاضب في حي باب الواد بالعاصمة الجزائرية ينتفض ضد غلاء المعيشة وارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية الضرورية، كان زملاء لهم يوثقون تلك

المواجهات بأجهزتهم النقالة عبر الفيديو والصور الثابتة.

ولم تلبث الظاهرة أن انتشرت بين المحتجين في مختلف ولايات الجزائر، وبمجرد أن يبحث الشخص بحثا بسيطا على الإنترنت في مواقع الفيديو كيوتيوب وديلي موشن وشبكات التواصل الاجتماعي كفيسبوك وتويتر يمكنه الاطلاع على الأحداث التي شهدتها بعض المدن الجزائرية مؤخرا بما فيها صور الصدامات بين المحتجين وقوات الأمن. وفي باب الواد –وهو حي شعبي- تجاوز عدد مشاهدي صور الفيديو الخاصة بتلك الأحداث على موقع يوتيوب 200 ألف، وهو عدد كبير نسبة إلى مستخدمي الشبكة العنكبوتية بالجزائر وإلى حجم تدفق الإنترنت الضعيف مقارنة بدول أخرى.

وأظهرت صور الفيديو شبابا في أعمار لا تتجاوز الـ24 عاما، بعضهم ملثم يقذف عناصر الأمن بالحجارة في وقت ردت فيه الشرطة بقذائف المدمعة، في حين عمد آخرون إلى تركيب صور للأحداث أخذت من مواقع مختلفة وأُدرجت معها موسيقى وشعارات مثل "رغم ما فعلوا بك أحبك يا بلدي".



ثورة الإنترنت
وكشفت تقارير أن عدد مستخدمي الإنترنت بالجزائر لا يتعدى 1.5 مليون مستخدم إلى مليونين في أحسن التقديرات، وهم ليسوا مشتركين بصورة نظامية، في وقت يستعين أغلب المشتركين الأفراد بحجم تدفق بين 512 كيلوبايت في الثانية و1 ميغابايت في الثانية، إلا أن سرعة التحميل قد لا تتعدى الـ30 كيلوبايت في الثانية.

وخلال الأحداث التي عاشتها الجزائر، عرف موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيسبوك انتشار مجموعات خاصة عمد المشرفون عليها إلى الاستعانة بأدوات مثل الرسائل الخاصة أو خاصية الدردشة الآنية لبث أفكارهم أو طرح قضايا للنقاش. وانتشرت مجموعات مثل "لا لسرقة مستقبل الأجيال" التي حجبتها جهات مجهولة، ومجموعة "شغب بالجزائر" التي تحولت إلى ما يشبه صحيفة حيث يمكن قراءة أخبار الاحتجاجات وآخر تطورات الأحداث لكن دون إمكانية التثبت من مصداقيتها.

وعرفت التعليقات الكثيرة تنوعا في طرح الأفكار وتحليلها بين مؤيد للاحتجاجات ورافض لها، ودعا البعض إلى "الثورة على النظام الفاسد"، في حين استنكر آخرون انتشار عمليات السطو والنهب التي شملت مؤسسات عمومية وخاصة، واستعان هؤلاء بصور بثها التلفزيون الرسمي.



تلفزيون الشعبوقال الكاتب الصحفي بجريدة الوطن (خاصة ناطقة بالفرنسية) عبد الرحمن سمار إن موقع يوتيوب قد تحول إلى "تلفزيون الشعب الرسمي".

وأضاف في مقال "عند انتشار الثورة إلى الويب" إنه "من أجل التظاهر بالجزائر يمكنك الاستعانة بأربعة أشياء: إطارات السيارات (لحرقها) والحجارة والمقذوفات الحارقة والإنترنت".

ويعتقد الكاتب أن شبكة الإنترنت الاجتماعية قد أصبحت "المنقذ الحقيقي" للشباب خلال فترة الاضطرابات، ويرى أن هذه الأحداث "هي بداية نهاية الصحافة التقليدية لأن الإنترنت سمحت للشباب بأن يتحولوا إلى مصدر للمعلومة وللتفاعل معها أيضا".

لكن الأستاذ بجامعة الجزائر العيد زغلامي يتحفظ على هذا الرأي، ويعتقد أنه لا يمكن اعتماد المدونين ومشتركي الإنترنت مصدرا رئيسيا للمعلومة، ولم يوافق على استعمال مصطلح "لجوء" الشباب للإنترنت "بقدر ما هو ولوج واستخدام عادي لوسيلة من الوسائل العصرية". وعما إذا كان التلفزيون الرسمي قد ساهم في "التنوير" رغم امتناعه عن بث أي خبر عن الأحداث ليومين كاملين، قال المتحدث إن "المشكل ليس في التلفزيون أو الإذاعة أو وكالة الأنباء الرسمية، لكن المشكل في دفتر الأعباء الذي يكبل المسؤولين بضوابط قانونية".

ودعا إلى إعادة النظر في هذه القوانين "وعدم تسيير هذه المؤسسات بعقلية بداية التسعينيات من القرن الماضي". إلا أن زغلامي اعترف بمساهمة الإنترنت في انتشار رقعة الاحتجاجات لكنه أكد أنها "نسبية".
المصدر

No comments:

Post a Comment