د. مصطفى رضوان يكتب : رسالة إلى حكومة شفيق والمجلس الأعلى للقوات المسلحة


لست بأعلم من خبراء الاقتصاد فى مصر، ولكنى أهدف للتذكير لا للتكرار، كما يعلم أغلب الشعب المصرى أن مصادر الثروة فى مصر هى ( السياحة وقناة السويس والعمالة بالخارج وموارد

محدودة من الثروات الطبيعية ) يضاف إلى ذلك أحد الثروات الأكثر إهمالا فى مصر ألا وهى الثروة العقارية، والتى تصورت أو أكتفت الحكومة الإلكترونية غير النظيفة فى عصر الرئيس السابق بحصرها فى عدد من الإجراءات الفوقية كإنشاء هيئات للتمويل العقارى وفرض ضرائب عقارية جديدة مع عدم التعامل الحرفى الاقتصادى مع جوهر تلك الثروة والاستفادة القصوى منها، وهو الأمر الذى يطرح تساؤلا وهو كيف كان يمكن الاستفادة القصوى أو الارتقاء بمعدلات الاستفادة من الثروة العقارية فى مصر؟.



إن الأولوية تقتضى بداية التأكيد على أهمية إدماج الثروة العقارية فى دائرة النشاط الاقتصادى، وذلك بالبدء بإعادة الاعتبار إلى العقارات المبنية قبل مطالبتها بتحمل نصيبها من الأعباء العامة بفرض ضريبة عقارية عليها، أما فرض ضرائب على قطاع يفتقد التنظيم ويغلب عليه الوضع الفوضوى لا يساعد على تحقيق النتائج المرجوة منه فى التنمية الاقتصادية، وهو ما يقتضى إعادة النظر فى قوانين الإيجارات القديمة، ذلك أن ما يزيد عن نصف الثروة العقارية من شقق ومحلات وغيرها فى مصر تخضع لقوانين الإيجارات القديمة، مما يُفقدها الكثير من قيمتها الاقتصادية، ويكاد يخرجها من دائرة التداول الاقتصادى الأمر الذى يزيد من حدة مشكلة الإسكان فى مصر، وإذا كانت هناك اعتبارات إنسانية وسياسية تتطلب مراعاة ظروف المستأجرين من محدودى الدخل، فإن الطبيعى أن ترفع الدولة تلك المعاناة عن كاهلهم لا أن تلقى بها على عاتق الملاك القدامى الذى قد يكون منهم وهم كُثر يعيش حياة أكثر بؤسا من المستأجرين لديه.



أن تناول قضية الإيجارات القديمة يمثل رفع مخالفة دستورية كبيرة فى المعاملة بين ملاك العقارات، وهذا يتطلب المعالجة التدريجية مع تلك العقارات وذلك بالعمل على تطبيع أوضاع هذه الملكيات ومساواتها بغيرها من العقارات خلال فترة محددة، وبعدها تعود هذه الثروة إلى دائرة النشاط الاقتصادى فى ظروف عادية.



وللقارئ الكريم أن يتخيل أن لو دخلت تلك العقارات فى دائرة التداول الاقتصادى ما ستساهم به من حل فى مشكلة الإسكان فى مصر وخفض أسعار الإيجارات بها، ذلك لأنها كما هو معلوم للكافة وإن كان هناك من يحتاج تلك الشقق المملوكة للمستأجرين ببضع قروش، هناك من يقوم بتسقيعها وهم كثر دون حاجة إليه ؛بدعوى أنها ملك مجانى احتياطى للمستقبل فى حين أن منهم من يملك بدلا من العقار الواحد اثنان وثلاثة.



كذلك أن دعم الاستفادة من الثروة العقارية يقتضى النظر لحالات وضع اليد على مساحات كبيرة من الأراضى المملوكة للدولة، فهناك مناطق فى سيناء والساحل الشمالى والصحراء الشرقية والبحر الأحمر والوادى الجديد تقع فى نطاق وضع اليد دون سند ملكية خاص ومسجل لعائلات وعشائر بدوية وكذلك لعدد من الأباطرة الكبار، وهو ما يتسبب فى وجود حالة من عدم الوضوح عن كيفية استغلال تلك المناطق، ومن ثم فليس من الطبيعى أن يستمر هذا الوضع دون حسمه وتقنينه لتحديد أطر استغلال تلك الثروة العقارية المعطلة.



ومن ثم فإن الثروة العقارية كأحد مصادر الثروة فى مصر يقتضى أخذه بعين الاعتبار فى مرحلة التحول الديمقراطى القادمة لتحديد أطر وآليات الاستفادة منه، وذلك بإجراءات وقوانين تفاعلية وليست قوانين الجباية فحسب.


No comments:

Post a Comment