الجيش المصري يتعهّد إصلاحات وترك السلطة في 6 أشهر الثورة تحوّلت سلسلة تمرّدات وانتفاضات مطلبية اجتماعية وفئوية

القاهرة - من جمال فهمي:بعد إحجام مرتبك وصمت طال يومين كاملين، أعلن أمس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي تسلم الجمعة الماضي حكم البلاد خلفا للرئيس المخلوع حسني مبارك، نيته

ترك السلطة خلال 6 أشهر وتسليم مقاليدها الى رئيس وبرلمان جديدين منتخبين وفقا "لتعديلات دستورية وتشريعية تهيئ مناخ الحرية والديموقراطية التي طالب بها الشعب"، وتعهد المجلس بلوغ "آفاق أكثر رحابة بما يليق بمكانة مصر" و"تدعيم قيم المساواة وسيادة القانون والتعددية والعدالة الاجتماعية واجتثاث جذور الفساد".
وجاء في الإعلان، الذي حمل للمرة الأولى توقيع وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي (76 سنة)، في ذيل البلاغ الرقم 5، أن المجلس العسكري قرر تعليق العمل بأحكام الدستور الحالي الذي ظل مدى سني حكم مبارك هدفا لانتقادات طيف واسع من النخب السياسية والفكرية في البلاد، وخصوصا بعد التعديلات الكثيرة التي أدخلت على حزمة من مواد "جرى تفصيلها" لتمكين نجل الرئيس المخلوع من تنفيذ خطة وراثة عرش والده.
كما أعلن المجلس حل مجلسي الشعب والشورى اللذين ساءت سمعتهما وتلطخت بوقائع وحكايات عن تلاعب وتزوير غير مسبوقين للانتخابات التي أفرزتهما ، ومنح المجلس العسكري نفسه حق إصدار "مراسيم" اشتراعية خلال "المرحلة الانتقالية الموقتة" التي سيقبض فيها على السلطة. (راجع العرب والعالم)
وكان تأخير هذا الإعلان وعدم وضوح موقف الجيش من مطلب التغيير الشامل و"إسقاط نظام" الرئيس المخلوع وكذلك بعض رموز عهد مبارك، في قلب المشهد السياسي والإعلامي بعد الثورة الشعبية الكاسحة التي عصفت بالبلاد ابتداء من 25 كانون الثاني الماضي، ساهما بقوة في إبقاء الأجواء الملتهبة بل تحول "الثورة الأم" سلسلة طويلة ومتشعبة من الاحتجاجات والتمردات وانتفاضات مطلبية اجتماعية وفئوية راحت تتفجر عشوائيا كاشفة عن مخزون احتقان هائل من المآسي والمظالم والشكاوى من وقائع وفساد وانحرافات تراكمت واستفحلت مدى العقود الثلاثة التى تربع فيها مبارك على سدة الحكم.
وبدا أمس أن هذا المخزون يفوق كل توقع عندما اتسعت دائرة هذه "الثورات الفرعية" لتشمل مساحة هائلة امتدت من الصحافيين والإعلاميين العاملين في مؤسسات الصحافة والإعلام التي تملكها الدولة، إلى العمال في المصانع والمصارف والهيئات الحكومية المختلفة ، بل امتد التمرد – للمرة الأولى منذ أكثر من 65 سنة – إلى منتسبي أجهزة الأمن والشرطة، الذين احتشد المئات منهم أمام مقر وزارة الداخلية وأخذوا يهتفون ويرفعون شعارات صاخبة نددوا فيها بالسياسات التي تسببت بكراهية الشعب لهم و"الفساد والإثراء غير المشروع المتفشي بين القيادات" وقت تعاني الغالبية الساحقة تدني رواتبها والاجور.
وكان المحتجون من رجال الشرطة اشتبكوا مع قوات الجيش التي تحاصر مقر الوزارة، واضطرت وحدات الجيش في الصباح الى اطلاق زخات من الرصاص في الهواء لتفريق المحتجين الذين زادت اعدادهم مساء وتطورت الاحتكاكات بينهم وبين الجنود الى اشتباكات مسلحة سقط فيها قتيل واحد على الاقل.
وقالت مصادر قريبة من دوائر صنع القرار حالياً في مصر لـ"النهار"، ان مئات من ضباط الشرطة ورجالها قدموا خلال الاسبوع الماضي استقالاتهم".

جمال وعلاء
على صعيد آخر، كشفت المصادر نفسها بعض ما جرى في القصر الرئاسي "خلال الساعات العصيبة التي سبقت اجبار مبارك على اعلان تنحيه عن السلطة"، وقالت ان "اجواء القصر كانت مثقلة بمظاهر كآبة وتوتر شديدين" وان أسرة الرئيس بدت متشققة ومنقسمة على نفسها" الى درجة حصول خلافات ومشاجرات علنية عنيفة بين نجلي مبارك، الاصغر جمال والاكبر علاء، ووصل الامر الى حد توجيه الاخير (قبل يوم واحد من خلع الرئيس السابق وخلال تسجيل آخر خطبه" عبارات قاسية الى شقيقه الاصغر اتهمه فيها بالمسؤولية عما آل اليه حال والده نتيجة طموحاته و"اطماعه" لوراثة السلطة و"ما فعله هو وشلة اصدقائه في البلد"، في اشارة الى المليارديرات واصحاب المصالح الذين تحلقوا حول جمال وصعدوا بمساعدته الى قمة هرم الحكم والسلطة في البلاد.
واوضحت المصادر ان الشقيقين كادا ان يشتبكا لولا تدخل بعض المسؤولين السابقين الذين كانوا في القصر وسارعوا الى ابعاد كل منهما عن الآخر، بينما ظلا يتبادلان الشتائم بصوت عال وعصبية شديدة".

شنودة
في غضون ذلك (أ ش أ)، أعرب بطريرك الاقباط الارثوذكس والكرازة المرقسية في مصر الانبا شنودة الثالث في تصريح للتلفزيون المصري، عن "سروره الشديد لان ادارة البلاد باتت في يد القوات المسلحة". ودعا المواطنين الى "مساعدة القوات المسلحة والحكومة من أجل توفير الهدوء".
وقال ان كثيرا من المتظاهرين كانوا يطالبون بأمور دستورية وقانونية، في حين كان متظاهرون آخرون كثيرون ايضا يطالبون بتحسين مستوى معيشتهم وزيادة اجورهم ويشتكون من عدم كفاية مرتباتهم، اضافة كذلك الى من يعانون البطالة ومن هم تحت مستوى الفقر. ودعا الى استغلال المليارات التي ضبطت من اجل ترضية هؤلاء حتى تهدأ التظاهرات.
وطالب باستخدام الشباب الذين يعانون البطالة في مشاريع لمصلحة البلاد، وان هذا يساعد في حفظ الامن من طريق ارضاء الثائرين من اجل فقرهم واحتياجهم".

Copyright © 2011 An-Nahar Newspaper All rights reserved.
Provided by Syndigate.info an Albawaba.com company

No comments:

Post a Comment