بخصوص كفر الجيش السوري النظامي

النبي صلى الله عليه وسلم أجري حكم الكفار ــ في أخذ الفداء من الأسرى ــ على عمّه العباس بن عبدالمطلب لما خرج مع الكفار يوم بدر
والحــديث أصلــه بالبخــاري، وفيــه عن أنس رضي الله عنه أن رجـالاً من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن اختنا عباس فداءَه، قال صلى الله عليه وسلم (والله لا تذرون منه درهماً) (حديث 4018 بكتاب المغازي). وقول الأنصار (ابن اختنا عباس) لأن جدته أم أبيه عبدالمطلب كانت منهم أي من أهل يثرب.

قال ابن حجر في شرحه (قوله (إن رجـالاً من الأنصـار) أي ممن شهد بدراً، لأن العباس كان أُسِرَ ببدر وكان المشركون أخرجوه معهم إلى بدر، فأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر، قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم قد أُخرِجوا كرهاً، فمن لقي أحداً منهم فلا يقتله) ــ إلى أن قال ابن حجر ــ وأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ياعباس اِفْدِ نفسك وابن أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن عمرو فإنك ذو مال، قال: إني كنت مُسلماً ولكن القوم استكرهوني، قال صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بما تقول إن كنت ماتقول حقاً إن الله يجزيك، ولكن ظاهر أمرك أنك كنت علينا) أهـ. (فتح الباري) 7/ 322. والحديث الأول الذي ذكره ابن حجر أصله عند أحمد من حديث علي بن أبي طالب (المسند) 1/89، والحديث الآخر رواه أحمد من طريق ابن إسحاق به (المسند) 1/ 353. ط المكتب الإسلامي 1398 هـ

وقـد دلّ الحـديث عـلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قـد أجــرى أحكـام الكفـار في أخـذ الفـداء من الأسـرى على العبـاس واعتبره كافراً عيناً في الحكم الظاهر، لما خرج في صفوف الكفار لقتال المسلمين، ولم يعتبر دعواه الإكراه مانعة من إجراء حكم الكفار عليه.
وهـذا الحديث ومادلّ عليه من حكـم هو نصٌُّ في محـل النــزاع ودليل لقـولنا إن أنصار الحكـام المـرتدين كفار على التعيين في الحكم الظاهر،

واســتدل شيخ الإسلام ابن تيمية بحديث العباس هـذا على الحكـم بكفـر كــل من خــرج إلـى القتــال مع الكفار ولو كان مؤمنا مُكرهاً في الحقيقة،
قال (وقد يقاتلون وفيهم مؤمن يكتم إيمانه يشهد القتال معهم ولايمكنه الهجرة، وهو مُكره على القتال، ويبعث يوم القيامة على نيته، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «يغزو جيشٌُ هذا البيت، فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خُسِفَ بهم، فقيل: يارسول الله، وفيهم المكره، قال: يبعثون على نياتهم»، وهذا في ظاهر الأمر وإن قُتِل وحُكِمَ عليه بما يُحكم على الكفار فالله يبعثه على نيته، كما أن المنافقين منا يُحكم لهم في الظاهر بحكم الإسلام ويُبعثون على نياتهم. والجزاء يوم القيامة على مافي القلوب لا على مجرد الظواهر، ولهذا رُوِيَ أن العباس قال: يارسول الله كنتُ مكرهاً، قال «أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فإلى الله») (مجموع الفتاوى) 19/ 224 ــ 225، وله مثله في (منهاج السنة) 5/ 121 ــ 122، تحقيق د. محمد رشاد سالم

[وتعقيباً على قول شيخ الإسلام (وهو مُكره على القتال) أهـ، ينبغي التنبيه على أن الإكراه ــ وإن كان متصور الوقوع ــ إلا أنه لايُسَوِّغ قتل المسلمين أو قتالهم'
فقد قال ابن تيمية رحمه الله ــ عن المكرَه على القتال في صف الكفار ــ (فلا ريب أن هذا يجب عليه إذا أكرِه على الحضور أن لايُقاتِل وإن قتله المسلمون، كما لو أكرهه الكفار على حضور صفهم ليقاتِل المسلمين، وكما لو أكره رجلٌُ رجلاً على قتْل مسلم معصوم، فإنه لايجوز له قتله باتفاق المسلمين وإن أكرهه بالقتل، فإنه ليس حفظ نفسه بقتل ذلك المعصوم أولى من العكس) (مجموع الفتاوى) 28/ 539

وقال القرطبي رحمه الله (أجمع العلماء على أن من أكرِه على قتل غيره أنه لايجوز له الإقدام على قتله ولا انتهاك حرمته بجَلْد ٍ أو غيره، ويصبر على البلاء الذي نزل به، ولايحل له أن يفدي نفسه بغيره، ويسأل الله العافية في الدنيا والآخرة) (تفسير القرطبي) 10/ 183

No comments:

Post a Comment